عبد العزيز التهامى يكتب : الدين والديموقراطية بين القمع و الحرية
صفحة 1 من اصل 1
عبد العزيز التهامى يكتب : الدين والديموقراطية بين القمع و الحرية
..............عبد العزيز التهامى يكتب : الدين والديموقراطية بين القمع و الحرية .....
لقد توقفت عن كتابة بعض مقالاتي وذلك منذ حوالي مايقرب من شهرين ولكنني أتابع وبكل جد وجهد مايدور في مصر عن طريق حضوري للندوات العامة وبعض المؤتمرات لبعض منظمات المجتمع المدني وغيرها وحيث أن ماآراه من كافة التيارات الآن في مصر ماهو الا (عصبية ) وسمها ماشئت عصبية قبلية أو دينية أو فصيل ضد فصيل أو تيار ضد تيار .... ولكن هل هذا في مصلحة مصر الوطن الغالي ؟؟؟؟ أم لمصلحة الكراسي الزائلة !!!! وهل هذا هو مبدأ الشوري في الاسلام أو الديموقراطية كما يطلق عليها البعض وعلي أن الديموقراطية هي مصطلح قد أستوردناه من الخارج وهذا خطأ لآن الدين يدعوا الي الحرية الكاملة للانسان سواء رجل أو امرآة أو شباب وفتيات ولكن لايفهم البعض الحرية علي حسب زعمه الخاص فكل شيء له مايقيده .. ولكننا للأسف الشديد فأن الكثير منا لا يفهم مبدأ الفكر و الرأى و على أنه يوجد بالإسلام فى بعض المذاهب و هو مدرسة الرأى للإمام أبى حنيفة النعمان و الذى قال ( أن رأيى هذا و إجتهادى هو إجتهاد صحيح حتى يأتى ما هو أفضل منه )و أبو حنيفة هو من قال فيه الشافعى رضى الله عنهما ( العلماء عيال فى الفقه على أبى حنيفه ) و الإجتهاد و الرأى لا يكون إلا أذا لم تكن هناك دلالة قطعية الثبوت بالنص سواء فى الكتاب أو السنة
*و نود أن نسوق هنا المبدأ الأول و هو مبدأ الشورى فى الأسلام حيث قال الله تعالى :
1- (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) سورة الشورى الآيه 38
2- )فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) سورة آل عمران الآيه 159 و قد نزلت هذه الآيه فى اصحاب الرسول فبرحمة من الله لك ولأصحابك -أيها النبي- منَّ الله عليك فكنت رفيقًا بهم ولو كنت سيِّئ الخُلق قاسي القلب, لانْصَرَفَ أصحابك من حولك فلا تؤاخذهم بما كان منهم في غزوة أُحد", واسأل الله -أيها النبي- أن يغفر لهم, وشاورهم في الأمور التي تحتاج إلى مشورة فإذا عزمت على أمر من الأمور -بعد الاستشارة- فأَمْضِه معتمدًا على الله وحده, إن الله يحب المتوكلين عليه فالحمد لله على نعمة الاسلام
3- قصة قصة خولة بنت ثعلبه الخزرجية التى ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و شكت له ما حدث من زوجها و الذى قال لها ( أنت على كظهر أمى ) فقصت ذلك على الرسول ( صلى الله عليه و سلم وما كان للنبي أن يقضي بأمره , أو ينطق عن الهوى فهو رسول الله موئله الوحي ومرجعه السماء وهو لم يتلق في الأمر وحياً , ولم يعرف لهذا السؤال جواباً , لذلك قال لها : فما عندي في امرك شئ ... فازدادت حسرتها , واشتد حزنها , وقالت : يا رسول الله ما ذكر طلاقاً وإنما هو أبو ولدي , وأحب الناس الي , ترجوا بذلك أن تلين قناته لتضرعاتها , وتأخذه الرحمة بأولادها . إن النبي صلى الله عليه وسلم قد علم حقيقة حالها و وقف على دخيلة امرها ولكن ما يفعل وهو لم يتلق وحياً في مثل شأنها ؟ وهو الفيصل إذا أختلط الأمر و أدلهم الخطب , وأظلم الطريق ! لذلك أعاد عليها جوابه قائلاً لها : ما عندي في امرك شئ .. فالتجأت إلى من تسع رحمته كل شئ , واتجهت نحو مرسل الوحي , ومبدع السماء و الأرض , ترجوه أن يزيل غمتها , ويفرج كربتها وقالت : اشكوا الله فاقتي و وجدي (حزني) . طال بها الوقوف , وأكثرت من التضرع وكلما قال لها النبي : ما عندي في امرك شئ .. جأرت (تضرعت) إلى الله بالدعاء , وهتفت شاكية إليه حالها ... فبينما هي في حيرتها وإضطرابها ترفع وجهها إلى السماء مرة وتخفض طرفها نحو الرسول أخرى خشي النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يخشاه حين نزول الوحي , ثم نطق لسانه بالذكر الحكيم وهناك أخبرها بأن الله قد سمع محاورتها , واستجاب لدعائها وأنه ليس على المظاهر بعد الآن إذا أراد التحلة من أيمانه ( وهى الكفارة ) إلا ان يعتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً . قرّت عينها وعاودها سكونها وإنفرجت اسارير وجهها فقد حقق الله رجاءها وأجاب سؤلها فصلح امرها ورئب (لأم) صدعها وها هي سترجع إلى عشها فتطعم فراخها , وتدبر شؤون بيتها وتسكن إلى زوجها وتتصل سعادتها وتعود سيرتها الأولى. أرسل النبي إلى اوس فلما حضر إليه قال له : ما حملك على ما صنعت ؟ ..قال إن الشيطان لعب بعقلي , وأضاع صوابي فركبت متن الشطط , وابعدت في الغي فهل من وسيلة استرجع بها شريطة حياتي ومنية نفسي ؟ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم وقرأ عليه قوله تعالى : قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير [1] الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور [2] والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير [3] فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم .4 سورة المجادلة ثم قال له النبي : هل تستطيع عتق رقبة ؟ فقال لا والله ... فقال : هل تستطيع الصوم ؟ فقال : لا والله ... لولا اني آكل في اليوم مرة أو مرتين لكل (ضعف) بصري ولظننت أني اموت , فقال له : هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً ؟ فقال : لا , إلا أن تعينني منك بصدقة . فمد النبي إليه يد المساعدة حتى إستطاع ان يطعم ستين مسكيناً وبذلك صارت زوجه حلالاً له وجعل الله للمسلمين وسيلة للتحلل من هذه العادة الجاهلية , وهكذا سار ضوء الإسلام في تلك الأرجاء المظلمة ينير جوانبها , ويبدد سحب الضلال في انحائها ويحسن ما استهجن من اخلاق اهلها فطهرت مبادئه ارجاسها , وقامت على اسسه المتينة صروح حياتهم وضرب مثلاً واضحاً في يسر الأسلام و سماحته , ورفع الحرج والمشقة وتيسير الأحكام فجعلهم بذلك مثلاً علياً واسوة تحتذى إن الله بالناس لرؤوف رحيم .
و يتبين لنا من هذه القصة العظيمة كيف كان للمرأة فى الأسلام حرية كبيرة و أن الأسلام قد كفل للمرآة حرية السؤال و الأستفسار ولها حق المطالبة بحقوقها شأنها فى ذلك شأن الرجال .
ومن تكريم الأسلام للمرآه أن سورة كاملة قد نزلت فى آمراة واحد و هى سورة المجادلة فقد وضع لنا الدين الأسلامى المبدأ و الأسس التى يجب أن تكون جميع معاملاتنا على سند منها و نحن ننتقد بشدة ما يحدث الآن من إهدار متعمد لحقوق المرآة التى كرمها الله سبحانه و تعالى و رسولة صلى الله عليه و سلم .
4- إشهاد خلق الله جميعا على أنفسهم أنهم يعلمون من الخالق و أن الله سبحانه و تعالى هو الخالق فقد قال الله سبحانه و تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ) سورة الإعراف الآيه 152
قول تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ أي: أخرج من أصلابهم ذريتهم، وجعلهم يتناسلون ويتوالدون قرنا بعد قرن.
و حين أخرجهم من بطون أمهاتهم وأصلاب آبائهم أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ أي: أقررهم بإثبات ربوبيته، بما أودعه في فطرتهم من الإقرار، بأنه ربهم وخالقهم ومليكهم قالوا: بلى قد أقررنا بذلك، فإن اللّه تعالى فطر عباده على الدين الحنيف القيم فكل أحد فهو مفطور على ذلك، ولكن الفطرة قد تغير وتبدل بما يطرأ عليها من العقائد الفاسدة، ولهذا قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أي: إنما امتحناكم حتى أقررتم بما تقرر عندكم، من أن اللّه تعالى ربكم، خشية أن تنكروا يوم القيامة، فلا تقروا بشيء من ذلك، وتزعمون أن حجة اللّه ما قامت عليكم، ولا عندكم بها علم، بل أنتم غافلون عنها لاهون فاليوم قد انقطعت حجتكم، وثبتت الحجة البالغة للّه عليكم أو تحتجون أيضا بحجة أخرى، فتقولون: إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ فحذونا حذوهم، وتبعناهم في باطلهم أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ فقد أودع اللّه في فطركم، ما يدلكم على أن ما مع آبائكم باطل، وأن الحق ما جاءت به الرسل، وهذا يقاوم ما وجدتم عليه آباءكم، ويعلو عليه.
نعم قد يعرض للعبد من أقوال آبائه الضالين، ومذاهبهم الفاسدة ما يظنه هو الحق، وما ذاك إلا لإعراضه، عن حجج اللّه وبيناته، وآياته الأفقية والنفسية، فإعراضه عن ذلك، وإقباله على ما قاله المبطلون، ربما صيره بحالة يفضل بها الباطل على الحق، هذا هو الصواب في تفسير هذه الآيات وقد قيل: إن هذا يوم أخذ اللّه الميثاق على ذرية آدم، حين استخرجهم من ظهره وأشهدهم على أنفسهم، فشهدوا بذلك، فاحتج عليهم بما أقروا به في ذلك الوقت على ظلمهم في كفرهم، وعنادهم في الدنيا والآخرة، ولكن ليس في الآية ما يدل على هذا، ولا له مناسبة، ولا تقتضيه حكمة اللّه تعالى، والواقع شاهد بذلك فإن هذا العهد والميثاق، الذي ذكروا، أنه حين أخرج اللّه ذرية آدم من ظهره، حين كانوا في عالم كالذر، لا يذكره أحد، ولا يخطر ببال آدمي، فكيف يحتج اللّه عليهم بأمر ليس عندهم به خبر، ولا له عين ولا أثر؟ ولهذا لما كان هذا أمرا واضحا جليا، قال تعالى: وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ أي: نبينها ونوضحها، وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ إلى ما أودع اللّه في فطرهم، وإلى ما عاهدوا اللّه عليه، فيرتدعون عن القبائح.
5- قصة الإكراه فى الدين !!! فقد ترك الله سبحانه و تعالى لجميع خلقه الحرية فى إختيار الدين و ذلك بعد أن أشهدهم على أنفسهم أنه الخالق الواحد الأحد حيث قال تعالى ..( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256). البقرة.
و سبب نزول هذه الآية : روي أنه كان لرجل من الأنصار من بني سالم بن عوف ابنان متنصران قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قدما المدينة في نفر من النصارى يحملون الزيت ، فلزمهما أبوهما وقال : لا أدعكما حتى تسلما ، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : يا رسول الله أيدخل بعضي النار وأنا أنظر ؟ فأنزل الله تعالى : ( لا إكراه في الدين … ) الآية ، فخلَّى سبيلهما .
وقال الزهري سألت زيد بن أسلم عن قوله تعالى : ( لا إكراه في الدين … ) قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين لا يكره أحداً في الدين ، فأبى المشركون إلا أن يقاتلوه ، فاستأذن الله في قتالهم فأذن له ، ومعنى ( لا إكراه في الدين ) أي دين الإسلام ليس فيه إكراه عليه .
وقال سبحانه : ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) (يونس/99) .
وقال فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) (الكهف/29) .
فالآية نص في أن من اختار الإيمان فباختياره ، ومن اختار الكفر فباختياره ، فلا إكراه ، ولكن مع هذا التخيير فالله سبحانه يحب الإيمان ويرضاه ويدعو إليه ، ويكره الكفر ويحذر منه ، ونصوص القرآن حافلة في هذا المعنى ، ولهذا عقَّب الله التخيير بقوله محذراً ومنفراً إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها ) (الكهف/29) .
والكفر رأس الظلم ، فلا يتوهمن أحد أن حمل الآية على التخيير وعدم الإكراه يشعر بإباحة الكفر أو الرضا به، حاشا لله أن يكون هذا ، ولعل خوف هذا التوهم هو الذي حدا كثيراً من المفسرين على حمل الآية على التهديد والوعيد ، حتى مثَّل علماء البلاغة للأمر الذي يراد به التهديد بهذه الآية ، فالآية بنصها تخيير ، ولكنه تخيير يستلزم تهديداً ووعيداً لا محالة في حال اختيار الكفر على الإيمان ، وهي نصوص صريحة في عدم الإكراه على الإسلام.
6- عندما ولى عمر بن الخطاب ( رضى الله عنه ) أمير المؤمنين عمرو بن العاص واليا على مصر حيث قال له يا عمرو لا تضرب الناس و لا تعذبوهم ولآن فعلت لإقتصن منك بل شاورهم فى الأمر و خذهم بالين وقال مقولته الشهيرة ( متى أستعبدتم الناس و قد خلقهم الله أحرار )
7- ما يحدث فى مصر الآن و بعد ثورة 25 يناير و بعد تسليم المجلس العسكرى السلطة لسلطة مدنية ( ولن نتشبس بقصة الصندوق أو غيرها لان هذا أمر يثير الأشمئزاز ) فليس معنى أنك قد جئت عبر الصندوق أن تستعبد الناس أو تنكل بهم أو تفرض رأيك عليهم بالقوة و الإجبار ولنا فيما سبق فى هذه المقالة أسوة حسنة من رسول الله صلى الله عليه و سلم و صحابته رضوان الله عليهم ... و أنا أرى أن ما يحدث الآن لا يمت إلى الإسلام ولا مبدأ الشورى بشئ على الأطلاق ولعلم الجميع فأن الديموقراطية هى التى تنسب إلى الدين و لا ينسب الدين إليها لان الدين معبر تعبيرا كاملا عن الحرية و حرية الجميع سواء فى الدين أو الفكر و الرأى ولا يجوز لفرد أو جماعة أو فصيل أو تيار معين أيا كان أن يفرض رأيه على الأخر وقد أتفقنا على أن الأمور الثابته ثبوتا قطعى ( قطعى الدلالة قطعى الثبوت ) لا يجوز الإجتهاد فيها و هى الأمور الثابته بنص الكتاب و السنة إما الأمور الأخرى التى لم يرد فيها نص ( قطعى الثبوت قطعى الدلالة ) ففيه إجتهاد ولنا فى هذا أسوة حسنة عن رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) عندما أرسل سيدنا معاذ بن جبل إلى اليمن قاضيا فقال كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا في كتاب الله؟ قال: أجتهدُ رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدره وقال: الحمد لله الذي وفَّق رسولَ رسولِ الله لما يُرضي رسولَ الله وقوله ولا آلوا أي لا أقصر جهداً في تحري الحق فيما سأقضي به.
إذن فقد أفصح لنا رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) عن قصة الإجتهاد وذلك بعد أن لم نجد فى الكتاب و السنة ما يفيد ذلك و حتى الإنسان أذا أجتهد فأخطأ له اجر و أن أصاب فله أجران .
ومن هو المجتهد ؟؟ قال و أجمع العلماء على أن المجتهد هو القادر على إستباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية أى من الكتاب و السنة و لم يشترط العلماء أن يكون المجتهد حافظا لكتاب الله و سنة رسوله كاملة بل أشترطوا أن يكون عالما قارئا مطلعا أطلاعا جيد حتى يستطيع أستخراج و إستباط هذه الأحكام و كما تقول الحكمة لدى الأصولين فى الفقه ( ليس كل فقيه أصولى إنما كل أصوليا فقيه ) ..! ولكى نغلق الباب أمام كل من يتشدق بالدين ويدعى أنه عالما أو شيخا و أنا أقول هنا ليس كل مسلم ترك لحيته فهو شيخ و أيضا وليس كل مسيحى ترك لحيته هو قسيس إنما يشترط فى ذلك العلم و العمل و نحن الآن فى زمن الفتن كفانا الله شرها .
* و أوضح لمن يحكم مصر الآن بأنك لست أفصل من عمرو بن العاص الذى قال له عمر بن الخطاب فأن مصر قد كرمها الله عز و جل فى القرأن فى عدة مواضع :-
فقد قال تعالى (اهبطوا مصر فأن لكم ما سألتم ) سورة البقره الآيه 61 و أيضا قال تعالى (إدخلوا مصر ان شاء الله امنين ) سورة يوسف الآيه 99 و قال تعالى (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا) سورة يونس الآيه 87 و كذلك قال سبحانه و تعالى (قال ياقوم أليس لي ملك مصر ) سورة الزخرف الآيه 51 و كذلك قال المولى عز و جل (وقال الذي اشتراه من مصر) سورة يوسف الآيه 63 .
فيجب على من يحكم مصر أن يأخذ الناس بلطف ولين ولا يأخذهم بالقسوة أو التعذيب حتى و لو أختلفوا معه فى الرأى و أن ما يحدث فى مصر من أحداث جارية تجعلنا جميعا نشمئز مما يحدث لأنه يجب على من يدير البلاد أن يتوافق و يتشاور مع الجميع للأخذ برأيهم أن صح فى أمر معين ولا يجوز التلويح أو التهديد لأمة و شعب كان جزء لا يتجزأ ولا يزال من أمة الحبيب محمد صلى الله عليه و سلم وليست جماعة معينه أو فصيل أو تيار وذلك لقول الرسول (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي. وفي بعض الروايات: هي الجماعة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.
* وحيث أننى لا أجد الآن فى مصر إلا ما يخرج من كل تيار ضد الأخر من سباب و شتائم و تعريض و عدم تقبل الرأى الأخر حتى لو أختلف معه فى رأيه وهذا مخالف للدين و ثابت هذا على مواقع التواصل الإجتماعى كلها دون تمييز .
* فهل فقدنا ثقافة الحوار و الأدب مع أنفسنا ... نعم لانناقد فقدنا ثقافة الحوار و الأدب مع الله ... بأن يحول كل شخص ما يتحدث عنه تحت عباءة الدين والدين منهم براء ...!!!
* كلامى موجه لكافة التيارات و القوى الوطنية و جماعة الأخوان و السلفيون رغم أننى لى تحفظ على هذه الأسماء و قد كتبت هذا من قبل لأننا بهذه المسميات قد تفرقنا لاننا جميعا مسلمين لله قلبا و قالبا و لأننا جميعا كمسلمين نتبع أسلافنا و أخواننا المسيحيين كذلك يتبعون أسلافهم
* فرفقا بمصر و رفقا بنا جميعا وكما أننا لسنا مع التخريب و الهدم للمنشأت العامة أو الخاصة على الأطلاق ونحن مع التظاهر بالطرق السلمية التى لا تسئ أو تمس المواطن أو المواطنين بأى أذى
* ونحن مع حرية الفكر و الرأى و التعبير فى حدود الآداب العامة و اللياقة و ثقافة الحوار ولسنا مع القمع و القسوة على الأطلاق .
بقلم
عبد العزيز التهامى
المحامى بالنقض و الإدارية و الدستورية العليا
و مؤسس حزب الوحدة المصرى (تحت التأسيس)
نشرت هذه المقالة بتاريخ يوم الجمعة الموافق 29/3/2013
.................
لقد توقفت عن كتابة بعض مقالاتي وذلك منذ حوالي مايقرب من شهرين ولكنني أتابع وبكل جد وجهد مايدور في مصر عن طريق حضوري للندوات العامة وبعض المؤتمرات لبعض منظمات المجتمع المدني وغيرها وحيث أن ماآراه من كافة التيارات الآن في مصر ماهو الا (عصبية ) وسمها ماشئت عصبية قبلية أو دينية أو فصيل ضد فصيل أو تيار ضد تيار .... ولكن هل هذا في مصلحة مصر الوطن الغالي ؟؟؟؟ أم لمصلحة الكراسي الزائلة !!!! وهل هذا هو مبدأ الشوري في الاسلام أو الديموقراطية كما يطلق عليها البعض وعلي أن الديموقراطية هي مصطلح قد أستوردناه من الخارج وهذا خطأ لآن الدين يدعوا الي الحرية الكاملة للانسان سواء رجل أو امرآة أو شباب وفتيات ولكن لايفهم البعض الحرية علي حسب زعمه الخاص فكل شيء له مايقيده .. ولكننا للأسف الشديد فأن الكثير منا لا يفهم مبدأ الفكر و الرأى و على أنه يوجد بالإسلام فى بعض المذاهب و هو مدرسة الرأى للإمام أبى حنيفة النعمان و الذى قال ( أن رأيى هذا و إجتهادى هو إجتهاد صحيح حتى يأتى ما هو أفضل منه )و أبو حنيفة هو من قال فيه الشافعى رضى الله عنهما ( العلماء عيال فى الفقه على أبى حنيفه ) و الإجتهاد و الرأى لا يكون إلا أذا لم تكن هناك دلالة قطعية الثبوت بالنص سواء فى الكتاب أو السنة
*و نود أن نسوق هنا المبدأ الأول و هو مبدأ الشورى فى الأسلام حيث قال الله تعالى :
1- (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) سورة الشورى الآيه 38
2- )فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) سورة آل عمران الآيه 159 و قد نزلت هذه الآيه فى اصحاب الرسول فبرحمة من الله لك ولأصحابك -أيها النبي- منَّ الله عليك فكنت رفيقًا بهم ولو كنت سيِّئ الخُلق قاسي القلب, لانْصَرَفَ أصحابك من حولك فلا تؤاخذهم بما كان منهم في غزوة أُحد", واسأل الله -أيها النبي- أن يغفر لهم, وشاورهم في الأمور التي تحتاج إلى مشورة فإذا عزمت على أمر من الأمور -بعد الاستشارة- فأَمْضِه معتمدًا على الله وحده, إن الله يحب المتوكلين عليه فالحمد لله على نعمة الاسلام
3- قصة قصة خولة بنت ثعلبه الخزرجية التى ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و شكت له ما حدث من زوجها و الذى قال لها ( أنت على كظهر أمى ) فقصت ذلك على الرسول ( صلى الله عليه و سلم وما كان للنبي أن يقضي بأمره , أو ينطق عن الهوى فهو رسول الله موئله الوحي ومرجعه السماء وهو لم يتلق في الأمر وحياً , ولم يعرف لهذا السؤال جواباً , لذلك قال لها : فما عندي في امرك شئ ... فازدادت حسرتها , واشتد حزنها , وقالت : يا رسول الله ما ذكر طلاقاً وإنما هو أبو ولدي , وأحب الناس الي , ترجوا بذلك أن تلين قناته لتضرعاتها , وتأخذه الرحمة بأولادها . إن النبي صلى الله عليه وسلم قد علم حقيقة حالها و وقف على دخيلة امرها ولكن ما يفعل وهو لم يتلق وحياً في مثل شأنها ؟ وهو الفيصل إذا أختلط الأمر و أدلهم الخطب , وأظلم الطريق ! لذلك أعاد عليها جوابه قائلاً لها : ما عندي في امرك شئ .. فالتجأت إلى من تسع رحمته كل شئ , واتجهت نحو مرسل الوحي , ومبدع السماء و الأرض , ترجوه أن يزيل غمتها , ويفرج كربتها وقالت : اشكوا الله فاقتي و وجدي (حزني) . طال بها الوقوف , وأكثرت من التضرع وكلما قال لها النبي : ما عندي في امرك شئ .. جأرت (تضرعت) إلى الله بالدعاء , وهتفت شاكية إليه حالها ... فبينما هي في حيرتها وإضطرابها ترفع وجهها إلى السماء مرة وتخفض طرفها نحو الرسول أخرى خشي النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يخشاه حين نزول الوحي , ثم نطق لسانه بالذكر الحكيم وهناك أخبرها بأن الله قد سمع محاورتها , واستجاب لدعائها وأنه ليس على المظاهر بعد الآن إذا أراد التحلة من أيمانه ( وهى الكفارة ) إلا ان يعتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً . قرّت عينها وعاودها سكونها وإنفرجت اسارير وجهها فقد حقق الله رجاءها وأجاب سؤلها فصلح امرها ورئب (لأم) صدعها وها هي سترجع إلى عشها فتطعم فراخها , وتدبر شؤون بيتها وتسكن إلى زوجها وتتصل سعادتها وتعود سيرتها الأولى. أرسل النبي إلى اوس فلما حضر إليه قال له : ما حملك على ما صنعت ؟ ..قال إن الشيطان لعب بعقلي , وأضاع صوابي فركبت متن الشطط , وابعدت في الغي فهل من وسيلة استرجع بها شريطة حياتي ومنية نفسي ؟ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم وقرأ عليه قوله تعالى : قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير [1] الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور [2] والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير [3] فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم .4 سورة المجادلة ثم قال له النبي : هل تستطيع عتق رقبة ؟ فقال لا والله ... فقال : هل تستطيع الصوم ؟ فقال : لا والله ... لولا اني آكل في اليوم مرة أو مرتين لكل (ضعف) بصري ولظننت أني اموت , فقال له : هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً ؟ فقال : لا , إلا أن تعينني منك بصدقة . فمد النبي إليه يد المساعدة حتى إستطاع ان يطعم ستين مسكيناً وبذلك صارت زوجه حلالاً له وجعل الله للمسلمين وسيلة للتحلل من هذه العادة الجاهلية , وهكذا سار ضوء الإسلام في تلك الأرجاء المظلمة ينير جوانبها , ويبدد سحب الضلال في انحائها ويحسن ما استهجن من اخلاق اهلها فطهرت مبادئه ارجاسها , وقامت على اسسه المتينة صروح حياتهم وضرب مثلاً واضحاً في يسر الأسلام و سماحته , ورفع الحرج والمشقة وتيسير الأحكام فجعلهم بذلك مثلاً علياً واسوة تحتذى إن الله بالناس لرؤوف رحيم .
و يتبين لنا من هذه القصة العظيمة كيف كان للمرأة فى الأسلام حرية كبيرة و أن الأسلام قد كفل للمرآة حرية السؤال و الأستفسار ولها حق المطالبة بحقوقها شأنها فى ذلك شأن الرجال .
ومن تكريم الأسلام للمرآه أن سورة كاملة قد نزلت فى آمراة واحد و هى سورة المجادلة فقد وضع لنا الدين الأسلامى المبدأ و الأسس التى يجب أن تكون جميع معاملاتنا على سند منها و نحن ننتقد بشدة ما يحدث الآن من إهدار متعمد لحقوق المرآة التى كرمها الله سبحانه و تعالى و رسولة صلى الله عليه و سلم .
4- إشهاد خلق الله جميعا على أنفسهم أنهم يعلمون من الخالق و أن الله سبحانه و تعالى هو الخالق فقد قال الله سبحانه و تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ) سورة الإعراف الآيه 152
قول تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ أي: أخرج من أصلابهم ذريتهم، وجعلهم يتناسلون ويتوالدون قرنا بعد قرن.
و حين أخرجهم من بطون أمهاتهم وأصلاب آبائهم أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ أي: أقررهم بإثبات ربوبيته، بما أودعه في فطرتهم من الإقرار، بأنه ربهم وخالقهم ومليكهم قالوا: بلى قد أقررنا بذلك، فإن اللّه تعالى فطر عباده على الدين الحنيف القيم فكل أحد فهو مفطور على ذلك، ولكن الفطرة قد تغير وتبدل بما يطرأ عليها من العقائد الفاسدة، ولهذا قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أي: إنما امتحناكم حتى أقررتم بما تقرر عندكم، من أن اللّه تعالى ربكم، خشية أن تنكروا يوم القيامة، فلا تقروا بشيء من ذلك، وتزعمون أن حجة اللّه ما قامت عليكم، ولا عندكم بها علم، بل أنتم غافلون عنها لاهون فاليوم قد انقطعت حجتكم، وثبتت الحجة البالغة للّه عليكم أو تحتجون أيضا بحجة أخرى، فتقولون: إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ فحذونا حذوهم، وتبعناهم في باطلهم أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ فقد أودع اللّه في فطركم، ما يدلكم على أن ما مع آبائكم باطل، وأن الحق ما جاءت به الرسل، وهذا يقاوم ما وجدتم عليه آباءكم، ويعلو عليه.
نعم قد يعرض للعبد من أقوال آبائه الضالين، ومذاهبهم الفاسدة ما يظنه هو الحق، وما ذاك إلا لإعراضه، عن حجج اللّه وبيناته، وآياته الأفقية والنفسية، فإعراضه عن ذلك، وإقباله على ما قاله المبطلون، ربما صيره بحالة يفضل بها الباطل على الحق، هذا هو الصواب في تفسير هذه الآيات وقد قيل: إن هذا يوم أخذ اللّه الميثاق على ذرية آدم، حين استخرجهم من ظهره وأشهدهم على أنفسهم، فشهدوا بذلك، فاحتج عليهم بما أقروا به في ذلك الوقت على ظلمهم في كفرهم، وعنادهم في الدنيا والآخرة، ولكن ليس في الآية ما يدل على هذا، ولا له مناسبة، ولا تقتضيه حكمة اللّه تعالى، والواقع شاهد بذلك فإن هذا العهد والميثاق، الذي ذكروا، أنه حين أخرج اللّه ذرية آدم من ظهره، حين كانوا في عالم كالذر، لا يذكره أحد، ولا يخطر ببال آدمي، فكيف يحتج اللّه عليهم بأمر ليس عندهم به خبر، ولا له عين ولا أثر؟ ولهذا لما كان هذا أمرا واضحا جليا، قال تعالى: وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ أي: نبينها ونوضحها، وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ إلى ما أودع اللّه في فطرهم، وإلى ما عاهدوا اللّه عليه، فيرتدعون عن القبائح.
5- قصة الإكراه فى الدين !!! فقد ترك الله سبحانه و تعالى لجميع خلقه الحرية فى إختيار الدين و ذلك بعد أن أشهدهم على أنفسهم أنه الخالق الواحد الأحد حيث قال تعالى ..( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256). البقرة.
و سبب نزول هذه الآية : روي أنه كان لرجل من الأنصار من بني سالم بن عوف ابنان متنصران قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قدما المدينة في نفر من النصارى يحملون الزيت ، فلزمهما أبوهما وقال : لا أدعكما حتى تسلما ، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : يا رسول الله أيدخل بعضي النار وأنا أنظر ؟ فأنزل الله تعالى : ( لا إكراه في الدين … ) الآية ، فخلَّى سبيلهما .
وقال الزهري سألت زيد بن أسلم عن قوله تعالى : ( لا إكراه في الدين … ) قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين لا يكره أحداً في الدين ، فأبى المشركون إلا أن يقاتلوه ، فاستأذن الله في قتالهم فأذن له ، ومعنى ( لا إكراه في الدين ) أي دين الإسلام ليس فيه إكراه عليه .
وقال سبحانه : ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) (يونس/99) .
وقال فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) (الكهف/29) .
فالآية نص في أن من اختار الإيمان فباختياره ، ومن اختار الكفر فباختياره ، فلا إكراه ، ولكن مع هذا التخيير فالله سبحانه يحب الإيمان ويرضاه ويدعو إليه ، ويكره الكفر ويحذر منه ، ونصوص القرآن حافلة في هذا المعنى ، ولهذا عقَّب الله التخيير بقوله محذراً ومنفراً إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها ) (الكهف/29) .
والكفر رأس الظلم ، فلا يتوهمن أحد أن حمل الآية على التخيير وعدم الإكراه يشعر بإباحة الكفر أو الرضا به، حاشا لله أن يكون هذا ، ولعل خوف هذا التوهم هو الذي حدا كثيراً من المفسرين على حمل الآية على التهديد والوعيد ، حتى مثَّل علماء البلاغة للأمر الذي يراد به التهديد بهذه الآية ، فالآية بنصها تخيير ، ولكنه تخيير يستلزم تهديداً ووعيداً لا محالة في حال اختيار الكفر على الإيمان ، وهي نصوص صريحة في عدم الإكراه على الإسلام.
6- عندما ولى عمر بن الخطاب ( رضى الله عنه ) أمير المؤمنين عمرو بن العاص واليا على مصر حيث قال له يا عمرو لا تضرب الناس و لا تعذبوهم ولآن فعلت لإقتصن منك بل شاورهم فى الأمر و خذهم بالين وقال مقولته الشهيرة ( متى أستعبدتم الناس و قد خلقهم الله أحرار )
7- ما يحدث فى مصر الآن و بعد ثورة 25 يناير و بعد تسليم المجلس العسكرى السلطة لسلطة مدنية ( ولن نتشبس بقصة الصندوق أو غيرها لان هذا أمر يثير الأشمئزاز ) فليس معنى أنك قد جئت عبر الصندوق أن تستعبد الناس أو تنكل بهم أو تفرض رأيك عليهم بالقوة و الإجبار ولنا فيما سبق فى هذه المقالة أسوة حسنة من رسول الله صلى الله عليه و سلم و صحابته رضوان الله عليهم ... و أنا أرى أن ما يحدث الآن لا يمت إلى الإسلام ولا مبدأ الشورى بشئ على الأطلاق ولعلم الجميع فأن الديموقراطية هى التى تنسب إلى الدين و لا ينسب الدين إليها لان الدين معبر تعبيرا كاملا عن الحرية و حرية الجميع سواء فى الدين أو الفكر و الرأى ولا يجوز لفرد أو جماعة أو فصيل أو تيار معين أيا كان أن يفرض رأيه على الأخر وقد أتفقنا على أن الأمور الثابته ثبوتا قطعى ( قطعى الدلالة قطعى الثبوت ) لا يجوز الإجتهاد فيها و هى الأمور الثابته بنص الكتاب و السنة إما الأمور الأخرى التى لم يرد فيها نص ( قطعى الثبوت قطعى الدلالة ) ففيه إجتهاد ولنا فى هذا أسوة حسنة عن رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) عندما أرسل سيدنا معاذ بن جبل إلى اليمن قاضيا فقال كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا في كتاب الله؟ قال: أجتهدُ رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدره وقال: الحمد لله الذي وفَّق رسولَ رسولِ الله لما يُرضي رسولَ الله وقوله ولا آلوا أي لا أقصر جهداً في تحري الحق فيما سأقضي به.
إذن فقد أفصح لنا رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) عن قصة الإجتهاد وذلك بعد أن لم نجد فى الكتاب و السنة ما يفيد ذلك و حتى الإنسان أذا أجتهد فأخطأ له اجر و أن أصاب فله أجران .
ومن هو المجتهد ؟؟ قال و أجمع العلماء على أن المجتهد هو القادر على إستباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية أى من الكتاب و السنة و لم يشترط العلماء أن يكون المجتهد حافظا لكتاب الله و سنة رسوله كاملة بل أشترطوا أن يكون عالما قارئا مطلعا أطلاعا جيد حتى يستطيع أستخراج و إستباط هذه الأحكام و كما تقول الحكمة لدى الأصولين فى الفقه ( ليس كل فقيه أصولى إنما كل أصوليا فقيه ) ..! ولكى نغلق الباب أمام كل من يتشدق بالدين ويدعى أنه عالما أو شيخا و أنا أقول هنا ليس كل مسلم ترك لحيته فهو شيخ و أيضا وليس كل مسيحى ترك لحيته هو قسيس إنما يشترط فى ذلك العلم و العمل و نحن الآن فى زمن الفتن كفانا الله شرها .
* و أوضح لمن يحكم مصر الآن بأنك لست أفصل من عمرو بن العاص الذى قال له عمر بن الخطاب فأن مصر قد كرمها الله عز و جل فى القرأن فى عدة مواضع :-
فقد قال تعالى (اهبطوا مصر فأن لكم ما سألتم ) سورة البقره الآيه 61 و أيضا قال تعالى (إدخلوا مصر ان شاء الله امنين ) سورة يوسف الآيه 99 و قال تعالى (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا) سورة يونس الآيه 87 و كذلك قال سبحانه و تعالى (قال ياقوم أليس لي ملك مصر ) سورة الزخرف الآيه 51 و كذلك قال المولى عز و جل (وقال الذي اشتراه من مصر) سورة يوسف الآيه 63 .
فيجب على من يحكم مصر أن يأخذ الناس بلطف ولين ولا يأخذهم بالقسوة أو التعذيب حتى و لو أختلفوا معه فى الرأى و أن ما يحدث فى مصر من أحداث جارية تجعلنا جميعا نشمئز مما يحدث لأنه يجب على من يدير البلاد أن يتوافق و يتشاور مع الجميع للأخذ برأيهم أن صح فى أمر معين ولا يجوز التلويح أو التهديد لأمة و شعب كان جزء لا يتجزأ ولا يزال من أمة الحبيب محمد صلى الله عليه و سلم وليست جماعة معينه أو فصيل أو تيار وذلك لقول الرسول (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي. وفي بعض الروايات: هي الجماعة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.
* وحيث أننى لا أجد الآن فى مصر إلا ما يخرج من كل تيار ضد الأخر من سباب و شتائم و تعريض و عدم تقبل الرأى الأخر حتى لو أختلف معه فى رأيه وهذا مخالف للدين و ثابت هذا على مواقع التواصل الإجتماعى كلها دون تمييز .
* فهل فقدنا ثقافة الحوار و الأدب مع أنفسنا ... نعم لانناقد فقدنا ثقافة الحوار و الأدب مع الله ... بأن يحول كل شخص ما يتحدث عنه تحت عباءة الدين والدين منهم براء ...!!!
* كلامى موجه لكافة التيارات و القوى الوطنية و جماعة الأخوان و السلفيون رغم أننى لى تحفظ على هذه الأسماء و قد كتبت هذا من قبل لأننا بهذه المسميات قد تفرقنا لاننا جميعا مسلمين لله قلبا و قالبا و لأننا جميعا كمسلمين نتبع أسلافنا و أخواننا المسيحيين كذلك يتبعون أسلافهم
* فرفقا بمصر و رفقا بنا جميعا وكما أننا لسنا مع التخريب و الهدم للمنشأت العامة أو الخاصة على الأطلاق ونحن مع التظاهر بالطرق السلمية التى لا تسئ أو تمس المواطن أو المواطنين بأى أذى
* ونحن مع حرية الفكر و الرأى و التعبير فى حدود الآداب العامة و اللياقة و ثقافة الحوار ولسنا مع القمع و القسوة على الأطلاق .
بقلم
عبد العزيز التهامى
المحامى بالنقض و الإدارية و الدستورية العليا
و مؤسس حزب الوحدة المصرى (تحت التأسيس)
نشرت هذه المقالة بتاريخ يوم الجمعة الموافق 29/3/2013
.................
رد: عبد العزيز التهامى يكتب : الدين والديموقراطية بين القمع و الحرية
القراءة نصف الفهم ............. اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ماينفعنا بحق باسمك الاعظم
رد: عبد العزيز التهامى يكتب : الدين والديموقراطية بين القمع و الحرية
هل قرأ أحد هذه المقالة ................والحدمد لله قد كان لنا رؤية في كل ماكتبنا
مواضيع مماثلة
» عبد العزيز التهامى يكتب ... مصر ليست لأنصاف الرجال
» عبد العزيز التهامى يكتب ... مصر ليست لأنصاف الرجال
» عبد العزيز التهامى يكتب ... مصر ليست لأنصاف الرجال
» عبد العزيز التهامى المحامى يكتب اسقاط مصر و سير السفينة
» مؤسس حزب الوحدة المصرى - عبد العزيز التهامى المحامى يكتب مصر إلى أين ؟
» عبد العزيز التهامى يكتب ... مصر ليست لأنصاف الرجال
» عبد العزيز التهامى يكتب ... مصر ليست لأنصاف الرجال
» عبد العزيز التهامى المحامى يكتب اسقاط مصر و سير السفينة
» مؤسس حزب الوحدة المصرى - عبد العزيز التهامى المحامى يكتب مصر إلى أين ؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى